ما هي العملات الرقمية وتقنية البلوكتشين توضيح للمستقبل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخوتي وأخواتي. في هذا الموضوع سأشارك معكم شرحًا مبسطًا وواضحًا حول واحدة من أكثر التقنيات انتشارًا في عالم المال والتكنولوجيا اليوم: العملات الرقمية وتقنية البلوكتشين. سنتحدث عن بدايتها، وكيف تعمل، ولماذا ظهرت، وإلى أين تتجه، وهل حقًا من الممكن أن تصبح مليونيرًا عبر الاستثمار فيها؟ كل هذا سأشرحه لكم من خلال تجربتي ورؤيتي الشخصية في هذا المجال.

ما هي تقنية البلوكتشين؟

قبل أن نفهم العملات الرقمية، يجب أولًا أن نستوعب التقنية التي تقوم عليها وهي البلوكتشين أو “سلسلة الكتل”. ببساطة، هي شبكة من أجهزة الكمبيوتر المتصلة ببعضها عبر الإنترنت، وكل جهاز فيها يحتفظ بنسخة من المعاملات التي تتم على الشبكة. عندما يقوم شخص مثلًا (سالم) بإرسال مبلغ من المال الرقمي لشخص آخر (عبدالله)، يتم تسجيل هذه العملية في جميع الأجهزة المتصلة بالشبكة في نفس اللحظة.

لهذا السبب يعتبر اختراق أو التلاعب بهذه التقنية شبه مستحيل، لأن المخترق لن يحتاج لتغيير معاملة واحدة فقط، بل يجب أن يخترق كل الأجهزة في الشبكة ويغير نفس البيانات في وقت واحد، وهو أمر غير منطقي تقنيًا.

وبسبب قوتها، بدأت البلوكتشين تدخل في الكثير من المجالات مثل بيع الأصول الرقمية (NFT)، وأرشفة البيانات، وحفظ الملكية الفكرية، وغيرها من التطبيقات.

لماذا ظهرت العملات الرقمية؟

العملات الرقمية لم تظهر عبثًا، بل جاءت لحل مجموعة من المشاكل الموجودة في النظام المالي التقليدي. ومن أهم الأسباب التي أدت لانتشار العملات الرقمية وخاصة البيتكوين:

• صعوبة التزوير: العملات الرقمية تعتمد على تشفير قوي يجعل التلاعب بها شبه مستحيل مقارنة بالعملات الورقية.
• التحويل السريع: يمكن إرسال العملة الرقمية من طرف العالم إلى طرف آخر في دقائق فقط، بينما التحويلات البنكية قد تستغرق أيامًا.
• عدم وجود وسيط: إرسال الأموال لا يحتاج إلى بنك، مما يعني عدم وجود رسوم تحويل ضخمة.
• لا مركزية: لا يمكن لأي جهة التحكم في أموالك أو تجميدها.

هذه الميزات جعلت العملات الرقمية تنتشر بشكل هائل، خاصة في بداية 2010 وحتى 2020، حيث حقق الكثيرون أرباحًا ضخمة من شراء البيتكوين والأثيريوم وغيرهما.

لكن… هل العملات الرقمية بلا مشاكل؟

بالطبع لا. رغم كل مميزاتها، إلا أن العملات الرقمية تواجه مجموعة من العيوب والمخاطر، ويجب أن تكون على علم بها قبل التفكير في الاستثمار.

1. التقلبات الحادة في الأسعار

تخيّل أن دولة قررت دفع الرواتب بعملة البيتكوين. اليوم قيمتها قد تكون 40 ألف دولار، وغدًا تهبط إلى 30 ألف أو أقل. هذا يجعل من المستحيل الاعتماد عليها كعملة ثابتة للدفع أو الرواتب. خلال أسبوع واحد قد تنخفض العملة بنسبة 15% أو أكثر، وهذا خطر كبير على الشركات والأفراد.

2. عدم المركزية قد تكون مشكلة للبعض

اللامركزية ميزة من جهة، لكنها عيب من جهة أخرى. لأن الناس بطبيعتها تحب التعامل مع جهات رسمية. بوجود عملات بلا مالك واضح، قد لا يتقبلها الجميع. بعض الدول مثل الصين أوقفت التعامل بها تمامًا، ودول أخرى بدأت تتجه لنفس القرار.

3. إمكانية استخدامها في غسل الأموال

بما أن المعاملات ليست مرتبطة ببنوك أو جهات حكومية، قد تُستغل العملات الرقمية في أنشطة غير قانونية، وهذا زاد من رفض الحكومات لها.

هل ستصبح مليونيرًا إذا استثمرت في العملات الرقمية؟

من المهم أن أكون صريحًا معكم: الفرص الكبيرة التي كانت موجودة بين 2010 و2019 لم تعد بنفس القوة الآن. فمن اشترى البيتكوين بأقل من 1 دولار أو 10 دولارات هو الذي حقق الملايين. أما اليوم فالأسعار وصلت لمستويات ضخمة، ولذلك الربح السريع أصبح أقل بكثير.

أنا شخصيًا، وبحكم اهتمامي بالتقنية، قررت استثمار مبلغ بسيط (1000 ريال عماني) فقط لكي أختبر المجال بنفسي وأتعلم منه. لكن يجب أن تعلموا أن هذا النوع من الاستثمار مرتفع المخاطر ولا يناسب كل الناس.

إلى أين تتجه العملات الرقمية؟

العالم يتجه نحو الرقمنة، وهذا يعني أن العملات الرقمية لن تختفي، لكنها ستخضع لتنظيمات أكثر صرامة. قد نرى عملات حكومية رقمية، ونظامًا عالميًا متطورًا يعتمد على البلوكتشين.

لكن من المستحيل أن أؤكد لك أنها ستجعلك مليونيرًا… أو ستنهار بالكامل. المجال يحتاج دراسة، ووعي، وعدم المغامرة بأموال لا تستطيع أن تخسرها.

الخلاصة

أتمنى أن أكون قد وضحت لكم فكرة العملات الرقمية وتقنية البلوكتشين بطريقة بسيطة وسهلة. هي تقنية قوية، وعملة رقمية ثورية، لكنها ليست طريقًا للمزيد من المعلومات مضمونًا للثراء. إذا أردت الدخول في هذا المجال، فابدأ بمبلغ صغير، وطوّر معرفتك، ولا تنس أن الاستثمار دائمًا يحمل مخاطر. شكرًا لكم على متابعة هذا الشرح، وأتمنى أن تكون الصورة قد أصبحت أوضح لكم. نلتقي في موضوع جديد بإذن الله.